جوهانسبرج (وكالة الانباء الاسبانية) - لم يكن أقصى المراهنين شغفا بالمغامرة ليتوقع ولو بقرش (أو حتى سنت) واحد أن تنجح الولايات المتحدة بعد هزيمتين من إيطاليا والبرازيل في بلوغ الدور نصف النهائي من كأس القارات، فضلا عن الوصول للمباراة النهائية التي خسرتها بصعوبة بالغة أمام راقصي السامبا بثلاثة أهداف مقابل اثنين.
وربما كانت كل السمعة التي اكتسبها الفريق الأمريكي قبل وصوله إلى جنوب أفريقيا قائمة على اللياقة البدنية المرتفعة للاعبيه والتي سمحت للبعض أن يشبههم بجنود المارينز خاصة في ظل النظرات "الجنرالية" الصادرة من المدرب بوب برادلي أثناء مراقبته مباريات بلاده من المنطقة الفنية.
وصل الأمريكيون إلى الأراضي الأفريقية وهم يعلمون أن مجموعة الموت التي تضم البرازيل حاملة اللقب، وإيطاليا بطلة العالم، ومصر بطلة أفريقيا ستجعل فكرة التأهل للدور قبل النهائي غير مطروحة نظريا، وهو الظن الذي بدى غالبا بعد الهزيمة في الثاني من يونيو الجاري في كوستاريكا بثلاثة أهداف مقابل واحد ضمن تصفيات كأس العالم.
وتشجع أبناء العم سام في المباراة الأولى أمام إيطاليا حيث أنهوا الشوط الأول رغم النقص العددي متقدمين بهدف وحيد، إلا أن الخبرة لعبت دورها لأبطال العالم ليحسموا المباراة بنفس النتيجة التي سقط بها الأمريكيون في كوستاريكا.
وتراجعت الولايات المتحدة في المباراة الثانية أميالا للوراء لتمنح البرازيل فوزا سهلا بثلاثية بيضاء كانت تنتظر على إثرها توديع البطولة لولا فوز صادم حققته مصر بعدها بساعات على إيطاليا بهدف وحيد.
ودخل الأمريكيون النزال الأخير أمام الفراعنة بفرصة رآها البعض قائمة من الناحية الحسابية فقط، حيث كان ينبغي أن يفوزوا بفارق ثلاثة أهداف على الأقل مع خسارة إيطاليا بالنتيجة ذاتها أمام البرازيل، وهو السيناريو الذي تحقق بالفعل ليثبت شرعية المفاجآت في كرة القدم.
وبرز خلال اللقاء الثالث للفريق الأمريكي الفارق الشاهق في اللياقة بينه وبين المصريين الذين تعرضوا لموجة من الإصابات، كما تجلى التنظيم الذي أقره برادلي على مستوى كافة الخطوط خاصة الوسط الذي تولى قيادته لاندون دونوفان بتحركات مربكة على الجانبين، بجانب كلينت ديمبسي الذي لعب دور المعبر الرئيسي لكل التمريرات بجانب مساندته للمهاجمين.
إلا أن مدينة بلومفونتين كانت شاهدة على يوم تاريخي في نصف النهائي حين قلبت الولايات المتحدة التوقعات بفوز مستحق على إسبانيا بهدفين دون رد، في لقاء أعاد فيه أفراد الدفاع الأمريكي إلى الأذهان طريقة "الكاميكازي" اليابانية مع إبطاله كل هجمة لبطل أوروبا.
واتسم الدفاع الأمريكي في مباراة إسبانيا تحديدا بالثبات المطلق، فبجانب تألق الحارس تيم هوارد الذي استحق جائزة القفاز الذهبي كأفضل حارس في الدورة، كان قلبا الدفاع جاي ديميريت وأوجوشي أونيو في أقصى درجات اليقظة، متسلحين بخبرة الظهير الأيسر وقائد الفريق كارلوس بوكانيجرا.
كما لعب ريكاردو كلارك ومايكل برادلي نجل المدرب دور المساندين للخط الخلفي في حالة الدفاع، لتشكيل حائط صد وقف حائلا دون وصول أغلب تسديدات تشابي ألونسو وتشافي إرناندث إلى مرمى هوارد.
ومع الوصول إلى المباراة النهائية، كانت الغالبية تظن أن المفاجأة الأمريكية قد انتهت في انتظار ثلاثية جديدة من البرازيل التي كان يتوقع أن تطرح تساؤل "أنت مرة أخرى؟" قبل اصطحاب رعاة البقر في رقصة سامبا استعراضية، وهو السيناريو الذي كان معكوسا بالكلية في الشوط الأول.
وبالفعل جاء موعد الاستراحة والولايات المتحدة متفوقة بهدفين دون رد حملا توقيع كل من ديمبسي ودونوفان اللذين أكدا قدرة بلادهما على الاستمرار في رفع خطها البياني إلى أعلى رغم ثلاثة هزائم متتالية قبل لقاء مصر.
ولكن مع استيقاظ الكبرياء البرازيلي بثلاثية في الشوط الثاني جاءت بصعوبة، انتهى الحلم الأمريكي دون حمل الكأس ولكن بالحصول على احترام أغلب المتابعين الذين بدءوا يفكرون في قدرة الجيل الحالي للاعبي الولايات المتحدة على صنع مفاجأة من العيار الثقيل في نهائيات كأس العالم المقبلة على أراضي جنوب أفريقيا أيضا.
وبمحصلة الدورة كان المكسب الأبرز للأمريكيين هو الحماس الذي يتمتع به اللاعبون، وهو ما قد يكون السبب في نيل الفريق ثلاث بطاقات حمراء بواقع واحدة لكلارك أمام إيطاليا، ومثلها لساشا كليستن أمام البرازيل في الدور الأول، وأخرى لمايكل برادلي أمام إسبانيا.